الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة جمعية الصحفيين الرياضيين ولدت ميّتة: "واذا الموؤودة سئلت.."

نشر في  11 أفريل 2015  (12:27)

صار المنسوب الثوري مرتفعا في تونس بعد تاريخ الرابع عشر من جانفي سنة 2011 وبات أمرا قابلا للصرف والضرب والتوزيع في شتى الاتّجاهات، حتى أنه امتد في جانب منه ليتّصل بالاعلام الرياضي ببلادنا اثر فترات خنوع مطوّلة عرفها القطاع -وبشهادة الجميع- منذ زمن بعيد.. الا ما رحم ربّك من بعض الاستثناءات الجميلة والنادرة.
هذا الهامش المتاح بحريّة التعبير سمح للبعض في بلادنا بالصعود "عنوة" الى الواجهة وتبنّي بطولات وهمية ربّما في مسعى لمسح ما علق من أدران سابقة...ومن ذلك جاءت عديد المعطيات لتفرز هيكلا جديدا اسمه جمعية الصحفيين الرياضيين..والتي انتشى الكثيرون لبعثها منذ نحو سنتين أملا منهم بأنه مولود جديد سيقي المنتسبين الى القطاع من عديد المخاطر والانتهاكات العالقة..وعلّه يسهم بشكل أو بأخر في حفظ ماء الوجه و"تجميل" الكرامة المشوّهة لدى أبناء المهنة.
هذه الجمعية حامت حولها شبهات و"واوات" بلا حدّ انذاك، حتى ان الأمر وصل بالبعض الى حدّ الجزم حينها بأن تحرّكات سياسية صرفة هي من سعت الى ارساء هذه الجمعية ربما لضرب شرعية نقابة الصحفيين والحدّ من "مصداقيتها" لدى أبناء القطاع، وان كان هذا لا ينفي أن لقصور أداء النقابة في اختصاص الاعلام الرياضي دور كبير فيما يجري حاليا، ولذلك فان الحكم لم يكن متاحا منطقيا حينها سواء أكان لها أو عليها.
عامان مرّا تقريبا على انطلاق باكورات هذه التحرّكات واجراء الجلسة الأساسية التي تحوّلت لاحقا من قبّة المنزه الى جلسات خاصة لم تأت بالجديد عدا أنها حوّلت الجمعية الى ما يشبه أن يكون مركزا للشرطة يستقبل شكاوي الصحفيين المنتهكين بفعل اعتداءات العنف وما شابهها، فيما تبّقى من أمر، لم نر ولم نسمع مثلا عن مسعى للاهتمام بمشاغل "البطالة" ممن يتخرّجون سنويا من معهد الصحافة وعلوم الاخبار..ولم يتكلم أحد عن "الركود" الذي يشهده القطاع الذي غزته الرشوة وحامت حوله الشبهات والاملاءات والمحاباة...هذا دون التغافل عن الفاقة والحرمان اللذان يلازمان أغلب الصحفيين الرياضيين ببلادنا لسبب أو لأخر..
مثل هذه المحاور الجوهرية والاشكالات الحقيقية في القطاع غيّبت عن الواجهة ربما بفعل فاعل، ليكتفي مؤسسو الجمعية بنزر من البيانات المندّدة بالاعتداءات..ولكن هل تحرّكوا فعلا قبل هذا في مسعى لاسترداد كرامة صحفي أو مراسل يستفزّه عون الأمن ثم المشرف على التنظيم قبل دخول الملعب وتقع هرسلته فيما بعد من قبل الأحباء في منصة الصحفيين..وهل تحرّك "قادة الجمعية" للسؤال عن الأرقام الحقيقية لنسبة القابعين على رصيف الانتظار..فيما يحتكر البعض أربع وحتى خمس وظائف للشخص الواحد؟
أية شرعيّة لمن لم يمسك القلم أو المصدح منذ عقد من الزمن -وان مسكه فانه لغرض معلوم وملعون مسبقا- حتى ينصّب نفسه وصيّا على الصحفيين الرياضيين ومتحدّثا باسمهم داخل البلاد وخارجها..؟وأي دور لجمعيّة اختصت في انتقاء الموالين لسفرياتها ومهامها التسويقية والمختصّة في التلميع من "قطر" الى أخر؟
هل انبنت مهنة نبيلة كالصحافة على هذه المبادىء؟ طبعا لم نتعلّم ولم نتوقّع ذلك..وما مدى تمثيلية هذه الجمعية لدى الصحفيين المباشرين وفي "كوادرها" يوجد بعض ممن اختصوا في مجالات أخرى غير الاعلام الحقيقي الذي يعطي المعلومة ويحقّق ويعلّق ب"نخوة الضمير" بلا أدنى محسوبية ولا أمر من وصيّ يجعل الصحفي مجرّد "أسير"..
اختفت أصداء الجمعية، وقد يكون من الأجدى حاليا انتهاج هذا التكتيك، فالأجندا مليئة بالسفريات والمهمّات الخاصة..ولا وقت للحديث عن الشرعيّة والتحويرات والاصلاحات والقوانين الأساسية..
هذا حال جمعية الصحفيين الرياضيين..التي اختارت الاسم على أفضل شاكلة للاستحواذ على سلطة القرار والانتساب والتمثيل..ولكنها أبعد ما تكون عن مشاغل الاعلاميين ممن بات أغلبهم مستاء بحقّ من هذا التهميش والتغييب..وأدركوا -ولو بعد فوات الأوان- أن المسمّيات تغيّرت بعد انشاء الهيكل ولكن "الثورة" لم تحصل فعليا..نفس اللوبيات والتحرّكات مازال تجثم على القطاع الأكثر تهميشا في تونس والذي لم يتخلّص للأسف من منطق الولاءات والتبعية..ومازال لم ينشد الحرية والاستقلالية حتى تحصل صحوة الضمير ويكون أداء القطاع ملبيّا لانتظارات الجماهير..
في هذه الجمعية، لم يتحدث أي كان على فتح أبواب الانتخابات، ولم يتم التطرق عنوة الى الآجال..والسبب واضح أنها قد تكون أقرب الى منطق القرابة والتعيينات..وتطبيقا لمذهب "من ليس معي فهو ضدّي"...
الساحة تملك ما يكفي من الطاقات لضخّ شرايين جديدة شابة وطموحة همّها انقاذ القطاع وليس ارضاء الأفراد وجني المصالح والمنافع..وهذا ما ننشده حقا حتى لا يقال لاحقا انها جمعية ولدت ميّتة وحتّى لا تسألنا الأجيال القادمة "واذا الموؤودة سئلت"؟..فبم سنجيب حينها؟

طارق العصادي